• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

ما ضَاعَ مَنْ رَجَعَ وَرَاجَعَ

مصطفى مينغ

ما ضَاعَ مَنْ رَجَعَ وَرَاجَعَ

كنا صرحاء فتطابقت الأفكار، وانكشف ما تَسَتّرَ في الليل ليتعرى في واضحة النهار، بذلك أعاد مَن استفاق ليراجع ما ضاع أثناء سباته حيث وجد سلسلة من الأصفار، وواجب عليه إلحاقها بالرقم الصحيح الذي ظل في حوزة من ظن نفسه أنه الوحيد في سكان العيون المختار، وغيره ما يَسهل تطايره كغبار، ليسافر بين الجافة من الوديان والأنهار، بعيداً عما يملكه أرضاً وما يلج في تعداد الخرافي من العقار، وأيضاً ما يُصَنِّع خلسة في أعالي البحار، لا يصلها تاريخ ليسجل مظاهر الفساد المطلق المنقطع النظير مهما قَرُبت أو بَعُدت الأمصار، ولا كاتب صحفي شريف يستعمل حقه الشرعي في مزاولة مهامه عن صدق بلا وجل ولا تراجع في البحث عن الحقيقة خدمة لوطنه قبل أن يصيب هذا الوطن  في هذا الجزء الغالي من المغرب الموحد أبشع دمار. كم من مسؤول في هذه الصحراء شملتهم قوائم الصلحاء الأخيار، تتحكم فيهم شرذمة من الأشرار، بواسطة التوجيه فالتحريك عن بُعد وبتعاليم تتناقلها الأسلاك مشفرة، مفاهيمها لاثنين مسخرة،  تُترجم أبعادها لرصيد يستقر في جوف مصرف تبقى لتعريف موقعه جل العقول حائرة،  إلا لمن استعان بالذكاء وللمنطق رَجَعَ وراجع واستعان بمن لهم تقنية عالية في مثل المراجعة، ليكتشف أنّ السوس ينخر في خشبنا داخل ما نحن أمامها من ديار، مملوءة (لو ولجناها بالقانون) بكلِّ ما هو مدعم بعرق الشعب المغربي العظيم، أصحابها هؤلاء المنتحلين صفة التجار، رغم تحملهم صفات أخرى تبعدهم عن المساءلة  وتبعد عنهم غضب أي جرار، قد يسوقه من اسودت الحياة في عينه فلا يرى حلا إلا في الانتحار. الجميع في الصحراء علي بينة مما تؤول إليه تلك السلع الاستهلاكية الأساسية المدعومة  والجيوب التي تستقر فيها الزيادة اللامشروعة في الأسعار، عند تصريفها في بعض الأسواق الواصل خط المفسدين فيها لغاية الدار البيضاء ولا واحد منهم لزنزانة سجن زار. هناك من حصد المليار تلو المليار، بمثل الطرق الدنيئة البعيدة عن الجدية وصفاء الضمير وانعدام المراقبة الرسمية ولو في الحد الأدنى منها، لدرجة أنّ عامة الصحراويين أصبحوا يطالبون برفع الدعم عن تلك المواد التي لا يستفيد منها إلا جماعة من الاحتكاريين الذين لا يهمهم لا المغرب ولا الوحدة ولا هم يحزنون، المهم والأهم وأهم الأهم عندهم ممثلا في تأمين مصالحهم لتتوسع ممتلكاتهم في عين المكان أو أسبانيا أو الجزائر أو أي مكان ينهون فيه حياتهم متمتعين بما نهبوا بالتحايل والمناورات الخبيثة وأكل الحرام منذ أعوام وأعوام .

... الصحراء حسبناها آمنة من مثل الممارسات، فإذا بها مدارس في الهواء الطلق أو داخل بعض خيام  تستقطب الباحثين عن تكوين عصابات من نوع جديد مبتكر، يديرها أبالسة ليسوا بالصحراويين ولا علاقة لهم بالنشأة الصحراوية على الإطلاق، لا شيء يوقفهم عن تحقيق أهدافهم، ومنها الضحك على الجميع والتأسيس لظاهرة "القَدَمَينِ" أحدهما مع المغرب وثانيهما مع الخصوم أكانوا "داخليين" أو في عصمة الدولة الجزائرية دون الشعب الجزائري الشقيق المجاهد البطل، في جزئية من نشاطهم السري نجد تشجيع الملتحقين لحين بيع ما تمنحهم الدولة المغربية من دور ليسكنوها في بلدهم المحتضن لهم في عطف ووئام وثقة، ليعودوا من جديد لعاصمة الجمهورية الصحراوية، أو ينهوا رحلتهم السياحية في إحدى القرى أو المدن الموريتانية ولهم ما يكفيهم من المال كبداية لتنظيم حياتهم المستقبلية، وفي جزئية أخرى قائمة على فرض مبالغ مالية يستخلصونها ممن يرونه قادرا على الدفع دون نقاش ودون إفشاء سرهم ، وكأننا نعيش في إحدى ضواحي صقلية الإيطالية التي فرَّخت على ما اصطُلِح على تسميته بالمافيا وعينة "ألكابوني" كادت تنهي انسجام واستقرار وهدوء أشهر وأقوى المدن الأمريكية ومنها "شيكاغو" و"نيويورك" وغيرهما، المصيبة أنّ لنا في "العيون" و"الداخلة" وسواهما أكثر من "الكابوني"، وغداً يتولد منهم أسوأ الأضرار إن لم تقم الدولة بحصر الظاهرة، بل والقضاء عليها بالقانون، ولها في ذلك مطلق الحق .

 

ارسال التعليق

Top